بعد أربع سنوات من إنطلاقة الحراك الجنوبي بمبادرة جمعية المتقاعدين العسكريين بقيادة العميد ناصر النوبة، نجد أن الحراك يراوح مكانة في الشأن السياسي . لم يستطع أن يبلور رؤية سياسية موحدة، نتيجة لعدم الوصول إلى بناء كيان سياسي جنوبي موحد أو على الأقل حركه كبرى، فتحولت الهيئات القيادية كالهلام البركاني السائل.. حاره ومتقده ولكنها غير منضبطه. السلطة تعرف هذا الوضع جيدا ولذلك تتمخطر كألطاووس في تعاملها مع القضية الجنوبية وإذا ظل الوضع على ماهو علية ستثبت النخبة الساسية الجنوبية أنها غير مؤهلة للتعاطي مع الداخل والخارج ونحن على أعتاب أستحقاقات محلية وإقليمية ودولية ستتجاوزنا إذا ما ظلينا على ما نحن علية.. والأسباب حسب وجهة نظري تكمن في المشكلات التالية:
1 ــ لم تسر الأمور في جمعيات المتقاعدين العسكريين على ما كان يجب أن تسير علية ، من خلال عوامل عده منها ذاتية تخص طبيعة قياداتها ومستوياتهم السياسية والثقافية وعاداتهم النفسية وتوجهاتهم المختلفة. وموضوعية تخص هجوم النظام عليهم. وإلى حد ما مراجعة الجانب الحقوقي الذي أنطلقت الجمعيات من أجلة وكانت جاهزه له، حتى دفع بها المد الجماهيري إلى المربع السياسي الذي لم تكن جاهزة له بالمطلق، ولذلك شهدنا التحلل السريع لهذه الجمعيات التي لو تحولت أو حولت نفسها لحركه سياسية كان الأمر مختلف عما هو عليه اليوم.
2 ــ فاجأت تلك الأنطلاقة الكاسحة النظام والأحزاب السياسية. النظام وكعادته ظن أن الأمر يتلعق بالبطون فقط فحاول أن يرمي ثقلة في هذا الإتجاه. نعم البطون هي مشكلة أزلية تجابه الأنسان ولكنها لم تكن يوما الا من الأعراض ولم تكن من المسببات الأساسية لأي أزمة تحدث. وتعامل النظام مع بقية المطالب السياسية التي رفعها الجنوبيون ليس منذ أنطلاقة الحراك بل منذ ما بعد الحرب بنوع من العنجهية والغرور وهذا يتعلق بطبيعة النظام نفسة الذي يتكون من أناس علاقتهم بالتاريخ والثقافة وحتى بالسياسة علاقة إعتباطية لا يحكمها غير المزاج والمصلحة النفعية الأنانية .. الغرور الناتج عن أمتلاك السلطة والثروة وعقلية شراء كل شي تلك كانت ولا زالت سائدة في تعاطي النظام مع الجنوبيين. النظام الذي حول الوحدة إلى إحتلال عسكري مباشر لم يدرك أنه حفر قبر الوحدة بنفسة. لم يدرك أن التغني بالوحدة حتى من البديهيات يتطلب وجود طرفين وهذا ما يكابر في عدم الإعتراف به . أنهم في غيهم يعمهون.
3 ــ كان الحزب الأشتراكي هو السباق في إستغلال الحدث، فجرى أعضائة وخصوصا القيادات إلى مقدمة الصفوف نتيجة لأمرين الأول يتعلق بوضعهم الخاص والعام كحزب تم التخلص منه في حرب 1994م كشريك في السلطة وما تدره على أصحابها من منافع. والأمر الثاني يتعلق بالدعوى التي طالما رددوها بتمثيل الجنوب. والأسراع إلى مقدمة الصفوف وتشكيل هيئات النضال السلمي كان لقطع الطريق على أي محاولة جنوبية لتشكيل تيار سياسي حقيقي يقود الحراك ويوجهة لمصالح الجنوب الخالصة. وتم أبقاء الوضع تحت سيطرة الأشتراكي سائلا غير محدد المعالم والأهداف وللأسف نجح الأشتراكي حتى اللحظة في هذا وجعل الحراك يدور في الدائرة ذاتها ودعوكم من الخطابات التي تقول بالأستقلال وإستعادة الدولة التي يستغل بها هؤلا عواطف الجماهير الملتهبة لأنهم لم يحولوا تلك الأقوال إلى أفعال في الساحة النضالية وبناء تيار سياسي موحد للحراك على قاعدة برنامج سياسي واحد.
4 ــ لازال التعامل مع القضاياء السياسية يتم من خلال أستخدام الأدوات الأيدلوجية التي لازالت تؤثر بل وتقود الأنسان الجنوبي لأنها شكلت المادة الأكثر والأهم لمخزونة النفسي من خلال عمل هذا الحزب في الجنوب لمده تزيد عن ربع قرن ومثال على ذلك أن الجنوبيين تعاملوا مع الوحده تعاملا عاطفيا أملتة التربية الأيدلوجية من ناحية والعوامل الأخرى التي صاحبت التجربة من الناحية الأخرى وكان كما سمعنا أن علي عبدالله صالح قد طرح مشروع الوحدة الفيدرالية ولكن الجماعة رفضوها على خلفية أعتقادهم بسيطرتهم على الشمال من اللحظة الأولى لوصولهم صنعاء وتلك أسخف نكته سمعتها في حياتي. الجماعة لو أخذوا بالحل الفيدرالي لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه.. لكن ظني أنها الأقدار لأننا لم ولن نعرف قيمة الجنوب الا بعد هذه التجربة القاسية التي عانيناها. اليوم نرى بعض الجنوبيين يتعامل مع الجنوب كقضية عاطفية مقدسة (أيدلوجيا) . الجنوب قضية سياسية بأمتياز ويجب أن نتعامل معها على هذا الأساس لكي نصل إلى أهدافنا في الحرية والأستقلال. أما الذين يتعصبون للجنوب بالتعامل العنصري مع المواطنين من الشمال وممتلكاتهم. والوقوف من قبل جماعات بعينها أمام أي تحركات سياسية لأي جنوبي قيادة أو أفراد لا تلبي على المدى المنظور جوعهم العاطفي يتم الغمز بحقهم وأتهامهم بتهم ما أنزل الله بها من سلطان . يجب أن نقول لأي جنوبي أن أي حل سيوصلنا لتحقيق أهدافنا في الحرية والأستقلال سندعمة جميعا حتى ولو تطلب الأمر وقتا.. لابد أن نوضح لجماهير شعبنا أن الحراك السلمي يحتاج إلى وقت لإنجاز الأستقلال بدون الأدوات السياسية المساعدة.
5 ــ قضية الهوية صارت مشكلة حقيقية فالبعض يقول بالهوية العربية الجنوبية، والبعض يقول بالهوية اليمنية الجنوبية وصارت الهوية من القضاياء الشائكة التي تعرقل التقدم نحو الحل وكان الدكتور محمد حيدره مسدوس قد قدم حلا مبتكرا لهذه المعضلة فقال أننا من الناحية العرقية بكل مكوناتها اللغوية والثقافية والأجتماعية عرب، ومن يقولون بالجنوب العربي هم على حق لإستنادهم على الهوية العرقية. ومن الناحية الجغرافية فالمنطقة التي تقع جنوب الحجاز(الكعبة) والحدود السعودية حاليا تسمى اليمن لأن اليمن في اللغة يعني الجنوب لكنه ليس أسم لأمة أو شعب سوى بالأنتساب الجغرافي والذي يقولون بجنوب اليمن على حق لإستنادهم للهوية الجغرافية.. الآن أي من الهويتين نأخذ؟ في رأيي نترك هذا الأمر إلى ما بعد الأستقلال ونطرح الأمر على جماهير شعبنا في أستفتاء عام ونقبل أي من الهويتين يختاره الشعب. أما التخندق اليوم خلف أي من الهويتين فما هذا الا غرف من ذات المستنقع الأيدلوجي الذي لم نعلّم أنفسنا على تركه والذهاب للينابيع الصافية الرقراقه والدخول إلى العصر الجديد بكل ما حمله من أنفتاح في الحياة نفسها على مختلف الآراء والأتجاهات .
6 ــ القيادات الجنوبية ذاتها فؤجئت بالحراك وأرتبكت في التعامل معة ولا زال الأرتباك قائم حتى اللحظة فالبعض لازال غير مصدق أن الحراك سيصل إلى محطتة الأخيرة (الأستقلال) ولذلك يحاولون مساعدة شعبهم في الوصول إلى حل يحفظ حقوق الجنوب داخل أطار ما يسمى بالوحدة، وعلى القوى الأستقلالية أن لا تخطئهم ولكن تشترط عليهم أن أي حل لابد أن يمر بطريق إستفتاء الشعب الجنوبي علية من أجل الموافقة علية من أطراف العمل النضالي الجنوبي. أما البعض الآخر من القيادات الجنوبية نتيجة لعظيم المفاجأة التي أوقعها الحراك عليها ظنت أن الأستقلال قاب قوسين أو أدنى وعليها ترتيب أمورها على هذا الأساس وأهملت تنظيم الحراك من ناحية التنظيم السياسي و البرنامج السياسي ولازالت حتى اللحظة أسيرة إلى جانب هذا التصور إلى مخاوف غير مبرره بعضها ذاتية وبعضها موضوعية لاداعي لأيراد أستنتاجاتنا بها، وعلى القوى الأستقلالية دفع هذه القيادة لتبني تنظيم الحراك في تيار سياسي واحد أو جبهه وطنية يضم أطراف العمل النضالي الجنوبي على قاعدة برنامج سياسي واحد، لأن هذه القيادة مؤهلة نتيجه للدعم الشعبي الذي تحظى به حاليا. لكن يبدو أن الزمان وتقلباته وتباريحة وشكوكة وظنونة قد فعلت بها ما فعلت .
7 ــ ظل الحراك معتمدا على قوة التسيير الذاتي من قبل جماهير الشعب نفسها أما القيادات الجنوبية فقد تبادلت الأتهامات حول الأمور المالية ولو ما كان ذلك في العلن فقد كان في السر. يدخل المال في المنطقة الرمادية. مع أننا نعرف أنهم جميعا لديهم أموال مع أختلاف حجم المبالغ مع هذا من ذاك. ونحن لانريد أن ندخل في هذا الموضوع لكن أن يموت الجرحى ويعانون وهم (القيادة) لم يستطيعوا حتى اللحظة تمويل هذا الجانب الأنساني فهذا أمر يلقي عليهم مسئوليات ليست بالسهلة. تصدقون جرحى شبوة الذين جرحوا يوم 25 نوفمبر المنصرم في عتق وصلت الديون عليهم في المستشفى ثلاثة مليون ريال وتم أخراجهم من المستشفى وهم لازالوا بحاجة الرعاية الطبية.
أننا أمام أستحقاقات هامة جدا وأهمها مؤتمر الرياض القادم وما سيتبعة، وقد تم تجاوز دعوة الحراك الجنوبي في مؤتمر لندن لأن ليس لدية تنظيم سياسي فمن بديهيات العمل النضالي أن يقود العمل تنظيم ببرنامج سياسي واحد، وسيتم تجاوز الحراك أن ظل الحال على ماهو عليه ولذلك لابد من تفعيل مبادرتي النمساء الأولى التي كانت بين الرئيس البيض والأخ العطاس ومحمد علي أحمد وصالح عبيد. والثانية التي كانت بين الرئيس البيض وقيادة تاج برئاسة الأمين العام أحمد الحسني والسفير محمد العبادي وعلي المصفري. والوصول الى هذا الكيان السياسي الموحد بأسرع وقت والا فأن الوقت لن يرحمنا وستضيع علينا فرص سنندم عليها حين لاينفع الندم .
موضوع: لماذا يتراوح الحراك الجنوبي مكانه 
الخميس فبراير 11, 2010 12:31 pm
/a> [url=https://algn.ahlamontada.com/javascript:tsz('article_body','20px')]
